سورة النحل - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)}
{والخيل والبغال والحمير} عطف على الأنعام، أي: وخلق هؤلاء للركوب والزينة، وقد احتج على حرمة أكل لحومهن بأن علل خلقها بالركوب والزينة، ولم يذكر الأكل بعد ما ذكره في الأنعام.
فإن قلت: لم انتصب {وَزِينَةً}؟ قلت: لأنه مفعول له، وهو معطوف على محل لتركبوها.
فإن قلت: فهلا ورد المعطوف والمعطوف عليه على سنن واحد؟ قلت: لأنّ الركوب فعل المخاطبين، وأما الزينة ففعل الزائن وهو الخالق. وقرئ: {لتركبوها زينة}، بغير واو، أي: وخلقها زينة لتركبوها. أو تجعل زينة حالا منها، أي: وخلقها لتركبوها وهي زينة وجمال {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} يجوز أن يريد به: ما يخلق فينا ولنا مما لا نعلم كنهه وتفاصيله ويمنّ علينا بذكره كما منّ بالأشياء المعلومة مع الدلالة على قدرته. ويجوز أن يخبرنا بأن له من الخلائق ما لا علم لنا به، ليزيدنا دلالة على اقتداره بالإخبار بذلك، وإن طوى عنا علمه لحكمة له في طيه، وقد حمل على ما خلق في الجنة والنار، مما لم يبلغه وهم أحد، ولا خطر على قلبه.


{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)}
المراد بالسبيل: الجنس، ولذلك أضاف إليها القصد وقال {وَمِنْهَا جَائِرٌ} والقصد مصدر بمعنى الفاعل وهو القاصد. يقال: سبيل قصد وقاصد، أي: مستقيم، كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه. ومعنى قوله {وَعَلَى الله قَصْدُ السبيل} أن هداية الطريق الموصل إلى الحق واجبة عليه، كقوله: {إِنَّ عَلَيْنَا للهدى} [الليل: 12].
فإن قلت: لم غير أسلوب الكلام في قوله {وَمِنْهَا جَائِرٌ}؟ قلت: ليعلم ما يجوز إضافته إليه من السبيلين وما لا يجوز، ولو كان الأمر كما تزعم المجبرة لقيل: وعلى الله قصد السبيل وعليه جائرها أو وعليه الجائر.
وقرأ عبد الله: {ومنكم جائر} يعني: ومنكم جائر جار عن القصد بسوء اختياره، والله بريء منه {وَلَوْ شَآء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} قسراً وإلجاء.


{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)}
{لَّكُم} متعلق بأنزل، أو بشراب، خبراً له. والشراب ما يشرب {شَجَرٌ} يعني الشجر الذي ترعاه المواشي. وفي حديث عكرمة: لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت. يعني الكلأ {تُسِيمُونَ} من سامت الماشية إذا رعت، فهي سائمة، وأسامها صاحبها، وهو من السومة وهي العلامة، لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض. وقرئ: {ينبت}، بالياء والنون.
فإن قلت: لم قيل {وَمِن كُلّ الثمرات}؟ قلت: لأنّ كل الثمرات لا تكون إلا في الجنة، وإنما أنبت في الأرض بعض من كلها للتذكرة {يَتَفَكَّرُونَ} ينظرون فيستدلون بها عليه وعلى قدرته وحكمته. والآية: الدلالة الواضحة.
وعن بعضهم: ينبت بالتشديد.
وقرأ أبيّ بن كعب: {ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب}، بالرفع.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8